
نبذة عن تاريخ المكتبة
المكتبة ملك من أملاك عشيرة «آل خالد ببني يسجن»، وقد كانت عند أحفاد الشيخ محمَّد بن عيسى ازبار، ثمَّ وضعت تحت تصرُّف العشيرة، وحتى تكتمل الصورة عن هذه العشيرة، وبالتالي عن المكتبة ومصدرها، ينبغي أن نعرِّف بمشايخ ثلاث وهم[1]:
- الشيخ بايزيد القاضي، وهو أصل نسب العشيرة.
- الشيخ بلحاج بن محمَّد بن سعيد، وتنسب العشيرة إليه كذلك.
- الشيخ محمَّد بن عيسى ازبار، المالك الأصلي للمكتبة.
تعريف بالمشايخ الثلاث
1/ الشيخ بـــايزيد[2] القاضــــي (ت: 645هـ / 1247م )
قاضي بني يسجن باتـِّفاق جميع القصور بميزاب، ولم يتولَّ هذا المنصب أحد قبله، واشتهر بالعدل والقسط بين الناس.
وكان شيخًا لبني يسجن، وحاكمها، واشتهر أنَّه نقل بعض سكَّان قرية أقْنوناي إلى تِرِشين التي دشَّنها. وخلفه في المشيخة الشيخ باستشري بن أيوب.
2/ الشيخ بلحاج بن محمد بن سعيد[3] (900-950هـ / 1494-1543م)
قدم من جربة، وقيل من نفوسة، وقيل من المدية لإحياء ما اندثر من العلم بوادي ميزاب قاصداً بلدة بني يسجن مع الشيخين عمّي سعيد والشيخ دحمان.
أنشأ هيئات تاريخية وأعراف هامّة بوادي ميزاب منها:
- أولاً: إنشاء هيأة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- ثانياً: تأييد وتعزيز الهيأة التنفيذية للعزَّابة بعد أن ضعفت، وذلك باختياره لأعضاء أكفاء من أهل العلم والدين والخلق الكريم.
- ثالثاً: جمع شمل أهالي يسجن، بعد ما كان مشتـتاً.
- رابعاً: إنشاء قراءة القرآن والختمات في المحاضر في الجمعات، وقيل إنَّ سبب ذلك هو عدم صلاح التمر.
- خامساً: إنشاء حفل الزيارة للأماكن التاريخية، المعيَّن ليوم الاثنين الأوَّل من شهر مارس من كل سنة، ووضع نظام امتحان لصغار الطلبة أثناء الزيارة تحت إشراف عريفهم.
وإليه تنسب مقبرة الشيخ بلحاج التي هي خاتمة زيارة المقابر في فصل الشتاء ببني يسجن، والتي تقام استذكاراً و اعتباراً. يقال هو الذي نظَّم مياه شعبة مُومُو.
وعشيرة آل خالد هي التي تقبر موتاها في هذه المقبرة، وقبره في الجهة الغربية من قرية تافيلالت، في قمَّة الجبل.
3/ الشيخ محمَّد بن عيسى ازبار[4] (ت: 1296 هـ / 1872 م)
من علماء بني يسجن بميزاب، تولَّى مهامَّ علمية ودينية معتبرة.
فقد تتلمذ على يد الشيخ عبد العزيز الثميني (1223هـ/1808م)، ثمَّ هاجر إلى المشرق للاستزادة من علوم النقل والعقل رفقة الشيخ إبراهيم بن يوسف اطفيش (ت: 1303هـ/1886م) الشقيق الأكبر لقطب الأيمة الشيخ محمَّد بن يوسف اطفيش.
استقرَّ بعمان مدَّة طويلة ينهل من معين فقهائها وعلمائها، ثمَّ عاد إلى وطنه، فعيِّن شيخا على مسجد بني يسجن، ثمَّ تولَّى منصب مشيخة وادي ميزاب.
عقد مع زميله في الدراسة إبراهيم اطفيش حلقاً للعلم بمسجد بلده، وقصدهما الطلبة من جميع قرى ميزاب ووراجلان، فأقيمت لهم بيوت للضيافة، وداخليات للإيواء.
امتاز الشيخ ازبار بقوَّة العارضة وفصاحة اللسان، وكان يقضي ويفصل في خصومات الناس، واشتهر ببغضه الشديد للاستعمار الفرنسي، ونشره في تلاميذه حبَّ الحرية ومقاومة الاحتلال، وقد تبرَّأ من قائد بلده لفساد سيرته. وتولَّى قيادة الدفاع لـمَّا داهم العدو المدينة، فأظهر شجاعة نادرة.
كان طبيبا بأمراض النفوس بارعا في علاجها، يعتبر من مشايخ قطب الأيمة الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش (ت: 1332هـ/1914م)، ومن تلاميذه أيضا الحاج صالح بن عمر لعلي (ت: 1347هـ/1928م).
التعريف بالمكتبة
المكتبة جلبها الشيخ محمَّد بن عيسى ازبار معه من عمان، وهي تشمل العديد من نفائس الكتب، وهذا ما يجعلها مختلفة جدا عن مكتبات وادي ميزاب الأخرى، إذ هي - حسب علمنا - أكبر مكتبة شاملة لمخطوطات عمانية مشرقية في المغرب عموما، ومن أهمِّ محتوياتها:
- بيان الشرع، للشيخ محمَّد بن إبراهيم الكندي العماني (ت: 508هـ/1114م)، وهي موسوعة في أكثر من 70 جزءا، ولا توجد منه بالمغرب الإسلامي غير هذه النسخة.
ومما ينبغي التنبيه إليه أنَّ القطب اطفيش تحصَّل على موسوعة قاموس الشريعة من عمان (90 جزءا)، وفي مكتبة الشيخ ازبار جزء من هذه الموسوعة، كما أنَّـه في مكتبة القطب جزء من بيان الشرع... مما يدلُّ أنَّـهما أعيرا بالتبادل بينهما[5].
- منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، للشيخ خميس بن سعيد الرستاقي (ق11هـ/17م)، وهي كذلك موسوعة في الأصول والفقه، ومن أهميتها كذلك كونها الوحيدة في المغرب.
- كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة، للشيخ سرحان بن سعيد الأزكوي العماني.
- الحل والإصابة، للشيخ محمَّد بن وصاف العماني (ق6هـ/11م).
- العدل والإنصاف، للشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلان (570هـ/1175م)، وهو من أهمِّ المؤلفات في أصول الفقه.
- ديوان المشايخ (كتاب الصلاة)، وهو كذلك من النفائس، ولا يزال مخطوطا يحتاج إلى من ينبري لتحقيقه تحقيقا علميا، بجمع نسخه المشتَّتة في مختلف المكتبات والخزائن.
ومعدَّل عمر النسخ في المكتبة هو القرن الثاني عشر للهجرة، غير أنَّ أقدم مخطوط - حسب ما يبدو - هو سبوغ النعم، الذي نسخ في سنة 900هـ/1494م، أي أنَّ عمره حاليا هو: 517 سنة.
والحق أنَّ المكتبة حوفظ عليها محافظة تامة، وهي في أحسن حال، ويقلُّ فيها التآكل والتشتت والخرم... وكلّ عوامل الفساد في المخطوطات.
كما أنَّ الباحث يحصل على نسخة مصوَّرة من المخطوط المطلوب بأيسر السبل، شريطة الأمانة العلمية وحسن التصرُّف في النص، وأن يكون باحثا مهتما، ولعلَّ هذا التعامل هو الملاحظ في العديد من المكتبات، غير أنَّ الكثير منها يبقى موصد الأبواب، أو صعب المنال، مما يجني على المكتبة نفسها، ويجني على العلم والتراث بالعموم... فالعلم ووسائله ملك للمتعلِّم والباحث، وليس ملكا لصاحب المفتاح والوارث.
حول الفهرس
أنجز هذا الفهرس مجموعة من الطلبة والباحثين، واستعملت فيه أحدث الوسائل، خاصَّة ما تعورف عليه باسم: برنامج تسيير المخطوطات بالإعلام الآلي[6].
عن فرقة البحث/ م. باباعمي وم. شريفي
في الاحد، 07 ذو القعدة 1417/16-آذار (مارس)-97
................................................
1) - مصدر الترجمة الأساسي هو: معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب)، إعداد جمعية التراث، وأرقام التراجم في النسخة التجريبية هي: 205، 247، 249.
2) - *أبو اليقظان:ملحق السير (مخ) 29 *دبوز: نهضة الجزائر، 1/253 *الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 33. Louis.D: Les Mechaikhs, 21
3) - *مجهول: رسالة زيارة مشاهد ميزاب (مخ) 20، 21 *أبواليقظان:ملحق السير (مخ) 1/18 *معمّر علي: الإباضية في موكب التاريخ، 4/333 *الجعبيري: نظام العزابة، 291. *الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 34.
4) - *أبو اليقظان: ملحق السير (مخ) 1/95 *دبوز: نهضة الجزائر، 1/282-283 *نويهض: معجم أعلام الجزائر، 12 *الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 107، 119 *جمعية التراث: دليل المخطوطات، -فهرس آل خالد -فهرس آل يدّر، 111/جـ02، 284/كـ120.
*Louis.D: Les Mechaikhs, 20. *Robin: Le M'zab, 33.
5) - يرجى التفكير في التبادل بين المكتبتين، حتَّى تكتمل الموسوعتان.
6) - وانظر التعريف بالبرناج في مقدمة فهرس مخطوطات مكتبة إروان (دار التلاميذ بالعطف)، وهو الجزء رقم 4 من هذا الدليل، صفحة م-ن.