نبذة من سيرة الرّجل (الأمّة القدوة )...
الدّكتور محمد بن عيسى بن الحاج سعيد عيسى وموسى خرّيج مدرسة الحياة ومعهد الحياة بالقرارة، وجامعة بغداد، وجامعة الجزائر، والمدرسة الوطنيّة العليا لعلوم المعلومات والمكتبات (E.N.S.I.B) بمدينة ليون Lyon بفرنسا.
رجل الإسهامات الكبيرة والفاعلة في حقل التّعليم؛ في المدرسة الحرّة بمدينة العلمة، وفي جامعة الجزائر وكليّة المنار بالجزائر العاصمة.. وصاحب المبادرات في تقديم العون والمساندة للمهتمّين بالمخطوطات، والمشرفين على المكتبات.. قدّم خبراته في المجال لكلّ من كان يطلبها ومن لا يطلبهاـ أي كان يبادر بنفسه في التّكوين والتّوجيه والإرشاد..
شهد للدّكتور محمد عيسى وموسى بالخير والفضل كلُّ من عاشره، ومن عمل معه، ومن احتكّ به، وأدركَ قدره كلُّ عامل نشيط مخلص، فهو رجل تضحية وإقدام في ميادين النّضال والمبادرة والمثابرة والمزاحمة على إسعاد النّاس.. طوبى له ما قدّم لجمعيّة التّراث والجامعة الجزائريّة وكليّة المنار ومؤسّسة مفدي زكريّاء الثّقافيّة، والمجمع الجزائري للغة العربيّة، والمجلس الأعلى الجزائري للّغة العربيّة، وللمكتبة الوطنيّة الجزائريّة التي استفادت منه كثيرا؛ إدارة وموظّفين وروّادًا ومتكوّنين، من دون أن ننسى مُجتمعه الصّغير وادي مزاب ووطنه الكبير الجزائر اللّذين ارتبط بهما؛ انتماء وولاء ووفاء وفداء...
يسجّل التّاريخ إسهاماته الكبيرة المبكّرة في جمعيّة التّراث، فقد كان من المساندين والمعينين الأوائل الذين وقفوا مع أستاذنا الدّكتور محمد بن صالح ناصر لـمّا أقدم على تأسيس جمعيّة التّراث سنة 1983م. له أعمال كبيرة وعديدة في مسيرتها، وقد شغل فيها مناصب عديدة، منها: رئيس لجنة التّوثيق والمكتبات، وعضو مكتب جمعيّة التّراث، الذي بقي فيه فاعلا ونشيطا إلى يوم وفاته رحمه الله.
كان له فضل كبير في جمع التّراث الإباضي المزابي، خاصّة حين كان مديرا لقسم الدّوريّات في المكتبة الوطنيّة، قام بهذا العمل الجليل، جمعا وقراءة ونسخا وتصويرا.. فترك لجمعيّة التّراث أعمالا كثيرة، استفاد منها جمع كبير من الباحثين.
في كليّة المنار للدّراسات الإسلاميّة كان من الأوائل الذين ساندوا المشروع الجديد، وكان مساعدًا أمينًا قويًّا لإدارتها التي كان على رأسها عميدها الأستاذ الدّكتور محمد بن صالح ناصر.. تفانى في خدمتها إدارة وتدريسا وتأطيرَ الطّلبة وتوجيهَم في بحوثهم.. كما تشهد له مكتبتها حرصَه الكبير على تزويدها بمختلف الكتب والدّوريّات والمنشورات، ودعوتَه الأساتذة لإلقاء محاضرات على الطّلبة، ولا ننسى النّادي الأدبي الذي انشأه الطّلبة، فكم كان حريصا على استمرار نشاطه، وقد كان من بين المشاركين بقوّة في جلساته؛ ما شجّع الطّلبة على النّشاط والعمل على تطوير أدائهم فيه. شغل في كليّة المنار منصب مدير الدّراسات، ثمّ رئيس فرع الجزائر العاصمة.
عرف عن د. محمد عيسى وموسى التّواضع والبساطة وطيب الـمعشرـ قرَنَه العارفون به بالتّضحية والفداء وخدمة الصّالح العام ونكرات الذّات، بل نقول (محو الذّات)، فكان لا يحبّذ الظّهور ولا الشّهرة ولا أن يعرف النّاس ما قدّم من أعمال، أو بذل من جهود، المهمّ عنده أن يقوم بعمله بكلّ إخلاص وصدق وإتقان.
اشتُهر بالجدّ والالتزام والانضباط والمحافظة على الوقت وعشق عمله وإتقانه.. بهذه الصّفات نجح في أعماله فأفلح وأحبّه العباد والمؤسّسات التي درج فيها وتقلّب ونشط وأبدع وأمتع وأرضى ضميره وربّه.
ماذا نذكر وماذا نترك من الأعمال والخصال والفضائل التي تعرّف بشخصيّة المرحوم أخينا الكبير الدّكتور محمد عيسى وموسى . المناسبة لا تسمح بالإطالة والإسهاب في سرد مناقب من أتعب من يأتي بعده؛ في اقتفاء أثره وعرض آثاره، وتسجيل مآثره. من أراد المزيد عن سيرة الرّجل القدوة الأمّة، فليرجع إلى مقال استفاض في التّرجمة لفقيد العلم والعمل، لأخينا الأستاذ محمد بن أحمد جهلان، عنوانه: " فقيد التّراث الأستاذ الدّكتور محمد بن عيسى عيسى وموسى (سيرة .. وشهادات)، مجلة الحياة (جمعيّة التّراث)، عدد: 24.
نقول في ختام هذه الكلمة المختصرة: طوبى لأخينا محمد عيسى وموسى في علاقاته الطّيّبة الواسعة مع مختلف النّاس، ومن مختلف الفئات: عُمرًا وعلمًا وعملاً وعشرة وعمارة المجالس العلميّة والمنتديات الأدبيّة، وعدلاً بين النّاس في المعاملة.. هذه القيم والشّيم نابعة من نفس كبيرة عزيزة كريمة طيّبة.... تسكن جسده .. فلتكن لنا في هذه النّفس وفي شخصيّة عزيزنا المرحوم العبرة الغالية والموعظة الحسنة والقدوة الإيجابيّة ( فبهداهم اقتده).
رحمه الله وتقبّل منه جهاده العلمي والاجتماعي، وأسكنه فسيح جنّاته.. إنّه سميع قريب مجيب الدّعاء.
الجزائر يوم الإثنين: 12 ذي القعدة 1445ه
20 ماي 2024م
صديق المرحوم: محمد بن قاسم ناصر بوحجام